بيان من مؤتمر الأمة حول مؤتمر الشيشان

بيان من مؤتمر الأمة حول مؤتمر الشيشان

صفحة جديدة 1

 

بيان من "مؤتمر الأمة" حول مؤتمر الشيشان

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين القائل في محكم كتابه الكريم ﴿ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين﴾، والقائل تعالى جده ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾، والقائل سبحانه ﴿والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير

وصلى الله وسلم على نبي الرحمة والملحمة القائل " لا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله، بحسب مسلم من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه"

وبعد ..

فقد تفاجأت الأمة وهي تئن تحت وطأة الحروب الصليبية التي تشنها أمريكا في العراق منذ احتلاله سنة ١٤٢٤ - ٢٠٠٣، وتشنها روسيا في سوريا منذ ١٤٣٦ - ٢٠١٥ وإلى اليوم، حتى بلغ عدد القتلى من الشعبين المنكوبين بالاحتلالين ملايين القتلى والجرحى والمهاجرين والمهجرين، وفي ظل هذه الفواجع الأليمة - التي لم يشهد لها العالم الإسلامي مثيلا منذ حملات جنكيزخان المغولية الوثنية - تم في روسيا عقد مؤتمر لأهل السنة والجماعة من دول عربية وإسلامية، وقد عقد في غروزني عاصمة الشيشان المحتلة - حررها الله - والتي تعرضت لحرب إبادة شنها الاحتلال الروسي حتى ساواها في الأرض وهجر شعبها وقتل الآلاف في حربين دمويتين - وتوافد للمشاركة في هذا المؤتمر أكثر من ٢٠٠ شخص يدعون تمثيل أهل السنة والجماعة ليحددوا من هم طوائف أهل السنة، ومن يدخل في هذا المفهوم ومن هم خارجه! فاستثنوا من ذلك أهل الحديث عامة والمدرسة السلفية خاصة، واتخذوا شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم والإمام محمد بن عبد الوهاب غرضا للطعن والتشهير والإخراج من دائرة أهل السنة والجماعة!

وإن "مؤتمر الأمة" إذا يحذر الأمة وشعوبها من هذا المؤتمر المشبوه ويرفض كل ما جاء فيه من توصيات وقرارات جملة وتفصيلا - إذ لا يمثل المؤتمرون إلا أنفسهم والجهات التي رعتهم وليسوا مؤهلين علميا ولا عمليا للنظر في شأن الأمة وأهل السنة - ليؤكد ما يلي :

أولا : خطورة انعقاد مؤتمر إسلامي للنظر في شأن الأمة، في روسيا التي تحتل الشيشان وداغستان  وغيرهما من الجمهوريات والشعوب الإسلامية، وفي الوقت الذي تشن فيه روسيا حربا صليبية على الشعب السوري الذي لا تزال دماؤه تسيل أنهارا من قصف الطيران الروسي حتى هذه اللحظة - وهو ما يوجب شرعا وفقها أحكام دار الحرب لروسيا مما يفقد هذا المؤتمر الأهلية الشرعية ابتداءا - خاصة وأنه لم يصدر عن هذا المؤتمر المشبوه رفضا لهذه الحرب الصليبية على سوريا، مما يؤكد بأنه يأتي في سياق توظيف روسيا للإسلام في حربها الصليبية على الأمة وشعوبها، وهو ما لم يحدث مثله في تاريخ الإسلام قديما أو حديثا، وهذا جرم أخفه خذلان أهل الإسلام وترك نصرتهم ولو بالكلمة، وأشده أنه موالاة لعدو حربي أثناء حربه على أهل الإسلام، وقد قال تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴾، قال ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية (إن الله تعالى ذكره نهَىَ المؤمنين جميعا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصارًا وحلفاءَ على أهل الإيمان بالله ورسوله وغيرهم، وأخبر أنه من اتخذهم نصيرًا وحليفًا ووليًّا من دون الله ورسوله والمؤمنين، فإنه منهم في التحزُّب على الله وعلى رسوله والمؤمنين، وأن الله ورسوله منه بريئان... فقال تعالى ذكره للمؤمنين: فكونوا أنتم أيضًا بعضكم أولياء بعض، ولليهوديّ والنصراني حربًا كما هم لكم حرب، وبعضهم لبعض أولياء، لأن من والاهم فقد أظهر لأهل الإيمان الحربَ، ومنهم البراءة، وأبان قطع وَلايتهم)، وقد أظهر المؤتمرون براءتهم من التطرف والإرهاب الذي ترى روسيا بأنها تقوم بمكافحته في سوريا، دون أن يدينوا ويرفضوا حربها على أهل سوريا، وهو تبرير صريح لما تقوم به روسيا من عدوان وهذا يدخل في باب النصرة لها بالرأي والفتوى! وقد قال ابن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى ﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء﴾ : (ومعنى ذلك: لا تتخذوا، أيها المؤمنون، الكفارَ ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلُّونهم على عوراتهم، فإنه مَنْ يفعل ذلك ﴿فليس من الله في شيء﴾ ، يعني بذلك: فقد برئ من الله وبرئ الله منه، بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر ﴿إلا أن تتقوا منهم تقاة﴾، إلا أن تكونوا في سلطانهم فتخافوهم على أنفسكم، فتظهروا لهم الولاية بألسنتكم، وتضمروا لهم العداوة، ولا تشايعوهم على ما هم عليه من الكفر، ولا تعينوهم على مُسلم بفعل)، فإذا جاز للمسلمين في روسيا أن يتقوا منها تقاة ولا يظاهروها في حربها على المسلمين ولو بالكلمة، فليس كذلك المسلمون الذين هم خارج روسيا فلا يحل لهم أن يعقدوا

فيها مؤتمرا إسلاميا لمناقشة قضايا الأمة لا يستطيعون فيه قول الحق بله قول الباطل وتبرير عدوانها!

قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ﴾ (أي يعضدهم على المسلمين ﴿فَإنَهُ مِنْهُم﴾  بيّن تعالى أن حُكمه كحُكمهم؛ وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد)، وقال ابن حزم في المحلى ١١/ ١٣٨  ﴿ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴾ إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين )، 

وقال الشيخ أحمد شاكر في رسالته (كلمة حق ص 126 ) عن حكم تعاون المسلم مع الإنجليز والفرنسيين أثناء عدوانهم على مصر: ( أما التعاون بأي نوع من أنواع التعاون قل أو كثر فهو الردة الجامحة والكفر الصراح، لا يقبل فيه اعتذار ولا ينفع معه تأول، سواء كان من أفراد أو جماعات أو حكومات  أو زعماء كلهم في الكفر والردة إلا من جهل وأخطأ ثم استدرك فتاب) !

ثانيا : كما إن موضوع المؤتمر والقضية التي انعقد لها هو تصنيف وتفريق الأمة وأهل السنة الذين يمثلون عامة أهل الإسلام إلى طوائف ومذاهب، وهو ما يتعارض مع قطعيات الكتاب والسنة التي أمرت بالاعتصام بحبل الله جميعا كما قال تعالى ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾، ولم يأمر الله ورسوله بالانتماء إلا إلى دين الإسلام، كما قال تعالى ﴿ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين﴾، وقال ﴿هو سماكم المسلمين﴾، وقال "من صلى صلاتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله ورسوله"، فتفريق الأمة من جديد إلى طوائف ومذاهب ما هي إلا عصبية مذهبية يستغلها عدوها الخارجي ليحتل أرضها ويقتل شعوبها ويؤجج الصراع بينها، وإنما الواجب دعوة الأمة كلها إلى اتباع الكتاب والسنة كما قال تعالى ﴿قل أطيعوا الله والرسول﴾، وإلى الأخوة الإيمانية ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾، وليس إلى الطوائف والمذاهب، والتي وإن جاز الانتماء لها فيما لا يخالف الكتاب والسنة إلا أنه لا يترتب على الانتماء لها موالاة ولا معاداة ولا انتقاص من حقوق الإسلام شيء .. 

ثالثا : أن الانشغال في تصنيف الأمة وأهل السنة فتنة لا تزيد الأمة إلا فرقة وتشرذما، خاصة وهي تواجه حربا صليبية تتخذ من تفريقها وسيلة للسيطرة عليها، فكان من يسعى في فرقتها إنما يعين عدوها عليها.

رابعا: أن اتخاذ المدرسة السلفية أو دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب - التي هي على مذهب أحمد بن حنبل في الأصول والفروع - غرضا للهجوم عليها وعلى علمائها، بل والهجوم على شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم كل ذلك من البغي والعدوان الذي حرمه الله كما قال تعالى ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدون﴾ وليس من العلم والإصلاح في شيء..

خامسا: أنه لا حرج في مناقشة أقوال الأئمة والمذاهب والطوائف وبيان الخطأ فيها ورد ما خالف الدليل منها دون بغي وعدوان وظلم وتفريق كلمة أهل الإسلام، إذ ما من مذهب إلا وفيه قول ضعيف أو باطل، وما زال أهل الإسلام يتناظرون ويتجادلون فيما اختلفوا فيه، أما تجاوز ذلك إلى عقد مؤتمر لإخراج طائفة عظيمة من أهل السنة والجماعة من دائرة أهل السنة ما هي إلا أهواء سياسية وافقتها ضغائن مذهبية كانت وما زالت سبب الفتن بين الأمة ومكوناتها..

سادسا : أن ما يجري منذ سنوات من حرب إعلامية على الجماعات السلفية خاصة والجماعات السنية السياسية والجهادية عامة ما هي إلا مواكبة في سياق المعركة العسكرية التي تخوضها أمريكا وروسيا وأوربا في العالم الإسلامي، كما جاء في توصيات تقارير "مؤسسة راند" بسبب جهاد هذه الجماعات للاحتلال الروسي ثم الأمريكي في أفغانستان ثم في العراق وسوريا، وما زالت الأمة تجاهد عدوها المحتل عسكريا وسياسيا، وفي استهداف مؤتمر الشيشان لهذه الجماعات السنية التي تجاهد العدو - دون بيان من المؤتمر لحكم الجهاد ووجوبه على الأمة - دليل على ارتباط المؤتمر - سواء علم المشاركون أو لم يعلموا - بدوائر الاستخبارات الروسية والغربية ..

سابعا: أنه ومنذ أن سقطت الخلافة واحتل العدو أرض الإسلام في الحرب العالمية الأولى والأمة تجاهد بكل قواها لتحرير أرضها من الاحتلال الأجنبي، وحليفه الاستبداد الداخلي، هذا الاحتلال الذي ما يزال يحيك المؤامرات، من خلال دعم الطغاة، وتوظيف الأقليات العرقية والطائفية وشن الحروب وحصار الشعوب لمواجهة ثورة الأمة وبث روح الفرقة بينها، كما في العراق وسوريا واليمن ومصر..

وهذا المؤتمر الذي يعقد في روسيا وفي الشيشان المحتلة -حررها الله-  يأتي في سياق توظيف هذه الجماعات  لمواجهة ثورة الشعب السوري، وثورة الشعوب العربية منذ انطلاقها من تونس عام ٢٠١٠ فبدأت أمريكا وروسيا وأوربا تنفيذ توصيات "مؤسسة راند" التي دعت بصراحة ووضوح إلى التحالف مع الاقليات الطائفية الشيعية، والفرق الصوفية، والمذاهب السنية التقليدية، التي تقبل التعايش مع الاحتلال الغربي، ودعمها لمواجهة القوى الرافضة له سواء كانت الجماعات السنية الجهادية أو السياسية..

ثامنا : أنه في الوقت الذي شن مؤتمر الشيشان حربا على السلفية والجماعات الجهادية السنية بدعوى مكافحة التطرف والإرهاب، لم يتطرق إلى الإرهاب الغربي ولا الإرهاب الإيراني اللذين فتكا بالشعب العراقي والسوري، مما يؤكد بأن مؤتمر الشيشان جاء لغرض محدد، وهو مواجهة الجماعات الإسلامية السلفية والسياسية والجهادية السنية حصرا، دون التعرض للإرهاب الصليبي، ولا الإرهاب والتطرف الإيراني الصفوي كما في العراق وسوريا، ولا الإرهاب الصهيوني في فلسطين، وهو ما يفسر الحضور البارز لوفد السيسي وبشار الأسد!

إن (مؤتمر الأمة) إذ يحذر من خطورة هذه المؤتمرات الوظيفية - التي تأتي في سياق الثورة المضادة المدعومة أمريكيا وروسيا - ليدعو شعوب الأمة ومكوناتها كافة إلى الاعتصام بالكتاب والسنة، ووحدة الصف واجتماع الكلمة، والتعاون بين جماعاتها السياسية والجهادية والدعوية لإعلاء كلمة الله، وتحرير الأمة وشعوبها من الاحتلال الأجنبي الخارجي، والطغيان السياسي الداخلي..

كما يدعو "مؤتمر الأمة" من شاركوا في موتمر الشيشان إلى البراءة منه، ومن روسيا التي أقامته، وأن يصطفوا مع أمتهم وشعوبهم وأن يصدعوا بالحق ولا يخافوا في الله لومة لائم.. 

والله الهادي إلى سواء السبيل..

 

مؤتمر الأمة

الامانة العامة

الخميس 28 ذو القعدة ١٤٣٧هـ

الموافق 01 أيلول ٢٠١٦م


رابط مختصر
الرابط المختصر انقر هنا

بيان من مؤتمر الأمة حول مؤتمر الشيشان

ترك تعليق
التعليقات

بيان من مؤتمر الأمة حول مؤتمر الشيشان