رثاء الشيخ محمد المفرح رحمه الله

رثاء الشيخ محمد المفرح رحمه الله

  • بواسطة مؤتمر الأمة --
  • الأربعاء 02 ربيع الأول 1436 15:05 --
  • 0 تعليقات

رثاء الشيخ محمد المفرح.. رحمه الله


منذ ساعة حتى علمت بالنبأ الأليم ولم أكن أعرف حتى بنبأ مرضه رغم لقائي المتكرر بالإخوة وهذا مما زاد في حزني الشديد إذ لم يقدر لي الله لقاءه قبل وفاته ، ولذلك فقد ذهلت لسماعي الخبر وهنا لم أجد أمامي من أخاطبه وأبث حزني أمامه بعد الله إلا أخي الحبيب الغالي الشيخ الدكتور حاكم المطيري.. فإني أشتم منه رائحة أبي عبدالله العطرة فهما التوأمان بخلقهما وأدبهما الرفيع وأخلاقهما التي تسبق علمهما والتي تذكرك بأخلاق خيار العرب عندما يدخلون الإسلام ويتفقهون فيه فترى الشهامة والمروءة والعزة والشجاعة والأنفة من التواضع والكرم فكيف إذا تزين هذا كله بالحلم والعلم والبشاشة والطهر .

وبعد هذا كيف سنتصور شدة الألم وعمق الحزن عندما نفقد أخاً من هذا النوع ، إنه حزن من العيار الثقيل وهنا لا أجد من الكلمات ما يسعفني على التعبير إلا اقتباس قول حبيبنا صلى الله عليه وسلم إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبا عبدالله لمحزونون .

هنئياً لك على رحلتك العامرة بما يزيد من قربك بحبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم عند ربك الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً .

وإني إذ أبوح بهذه الكلمات النابعة من أعماق قلبي بين يدي د.حاكم المطيري .. لأهنئ نفسي إذ قدر الله لي وفي مطلع ثورتنا المباركة أن التقي بإخوة أفاضل مثلكم .

قدر الله لي أن ألقاه في منطقة - وادي الضيف - وأنزلني ضيفاً عنده لعدة أيام أنام معه في غرفة واحدة ، لِأرى من خصاله وشمائله التي لا تُعرف بتفاصيلها إلا في مثل هذه الحالة .

لقد كان قليل الكلام كثير الابتسام ويحب الصلاة بالليل والناس نيام ، فوالله لا أذكر أني استيقظت ليلاً إلا ورأيته في الصلاة ، ولك أن تتصور الصلاة والوضوء في منطقة حرب لا يوجد بها كهرباء ولا ماء الا ما جيء بأوان كاد يتجمد من شدة البرد ، فكانت الصلاة في الليل هي الملجأ الذي يحميه ويحفظه في ظروف شديدة القساوة كهذه .

لقد رأيته في حالات أكثر نعومة وأوفر حظاً بما يرتبط بالماديات - ووالله لم أجده بسعادة وهناء كتلك التي رأيته بها في هذه الظروف القاسية .

من التقاه يعرف أنه بهي المحيا يستقبلك بابتسامته التي تكاد أن تحتويك وبذراعيه الحانيتين التي يضمك بهما إليه فكأنك وحدك أنت الحبيب وأنت الأخ والصديق .

يحب الشام حباً شديداً بل ينسب نفسه إليها، وأوضح ما تتجلى هذه الصورة عندما يذهب لزيارة جده عمر بن عبدالعزيز الخليفة الراشد الخامس - في قبره بمنطقة وادي الضيف .

وهنا لا أدري فهل هناك سر في تسمية الوادي بوادي الضيف الذي ضم الخليفة عمر بن عبد العزيز وأتى بأبي عبدالله زائراً ومدافعاً عن الوادي الذي سمي باسم يدل على الكرم - ولتجتمع عنده أكمل صفات الرجال من الشجاعة والكرم .

ولا أظن أن هذه السماحة وهذا الانفتاح على حب الخير ينفصل عن الخلفية الفكرية والثقافية المستقاة من صميم الوعي بحقيقة الدين الذي يدين به لله ، فهو ينظر إلى الناس جميعاً وإلى المسلمين خصوصاً وإلى أهل الشام تحديداً بنظرة المحب الذي يريد الخير لهم منطلقاً من قوله تعالى ( يا أيها الناس اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفحلون ) بعيداً عن النظرة القاصرة المشوهة التي تفرز المسلمين والشاميين بين مؤمن وكافر يحاربون ويهادنون وفق هذا التطبيق المشوه لحقيقة الإسلام والتي تذكرك بحدثاء الأسنان على توصيف وتعبير النبي صلى الله عليه وسلم .

بل كان يشدد أنه واجباً علينا ارسال رسائل الاطمئنان لكل فرد لم يرفع بوجه الأمة السلاح ولم يحاربنا فيه ليعيش بيننا بالأمن وينعم بالسلام كعهد آبائنا وأجدادنا المسلمين الذين سخروا أنفسهم لحماية المستضعفين ولتقديم الخير لهم .

رحمك الله يا أبا عبدالله

نم قرير العين مطمئن البال

فإن خلفك إخوة على العهد ماضون وللأمانة راعون ولمشروع الأمة هم مؤتمنون

ولذكرك وسيرتك حافظون

ومن أخلاقك وأدبك متعلمون ومعلمون

وغداً عند المليك تحت الظلال وعلى الأرائك مجتمعون ومتقابلون

ويتذكرون ويقولون ( إنا كنا ندعوه من قبل إنه هو البر الرحيم )

اللهم ألهم أخي د. حاكم وإخوانه الكرام الصبر والسلوان فلا أشك أنهم أمام موقف تعتصر له قلوب الرجال .

أعانكم الله إخواني الكرام وهدأ بالكم ورزقكم السكينة والطمأنينة

فلا يغيب عنكم أنه المصير الذي ينتظرنا جميعاً

أعاننا الله على الإعداد له لنقضي على الدرب كما قضى أبا عبدالله .


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كتبه/ أبو سعيد


رابط مختصر
الرابط المختصر انقر هنا

رثاء الشيخ محمد المفرح رحمه الله

ترك تعليق
التعليقات

رثاء الشيخ محمد المفرح رحمه الله